اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ فَاَصْلِحُوا بَيْنَ اَخَوَيْكُمْ.

Foundation Islamic Union

مؤسسة الاتحاد الإسلامي

وقف الاتحاد الإسلامي العالم

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَمٖيعاً وَلَا تَفَرَّقُواࣕ

الاتحاد الإسلامي مصدر بركات

إن السير في طريق عمل صالح، بل وحتى النية له، هو خير، وحتى إن لم يستطع فعله، فإن هذه النية تكسب المسلم ثوابًا. إن المسلم الذي ينوي بإخلاص عملًا صالحًا، يؤجر عليه كأنه فعله، حتى وإن لم يفعله. وهذه الإمكانية، كقاعدة، هي إحسان وفضل من الله عز وجل للمسلمين.

إن الإنسان الذي كرّس نفسه للخير ووقفها على عمل صالح، فإن اليوم بالنسبة له ليس أربعًا وعشرين ساعة، بل هو سنون. قبل كل شيء، فإن الأربع والعشرين ساعة كلها تُسجَّل في صحيفة حسناته كثواب للحسنات. إن الإنسان الذي يعيش دائمًا بعشق القضية والحقيقة التي وهب لها قلبه، حين ينام، وحين يستيقظ، وحين يأكل، وحين يشرب، وحين يتجول، وحتى حين ينام، يبلغ سر اللانهاية في عمر محدود. ولأنه خطط حياته وفقًا لفكرة الخدمة وقسمها بناءً على هذه الفكرة، فإن الله (عز وجل) ينير حتى النقاط المظلمة في حياته، مكافأة له على نيته وفكره، ويوصله إلى أفق مشرق تمامًا. لا توجد نقطة مظلمة في حياة من هو في سبيل الله. فليله مضيء كنهاره. وكل ثانية من حياته تعدل سنين قضيت في العبادة. لأنه في طريق الخير، والوقت الذي يُصرف في سبيل "الباقي الحقيقي" يُجزى عليه من الله (عز وجل) بمكافآت لا تحصى، بغض النظر عن قصره أو طوله. وبالتالي، فإن مدة طرفة عين منه أثمن من حياة ميتة قاحلة تمتد لآلاف السنين.

ولهذا السر الذي أدركه، كان الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) يأتون إلى رسول الله باستمرار، يطلبون منه أن يكثر لهم من سبل الخير. وكم منهم كان يأتي فيقول: "يا رسول الله! علمني خيرًا إذا فعلته دخلت الجنة". نعم، هؤلاء الناس الذين أضاءت عقولهم بنور معرفة الله (عز وجل)، كانوا يبحثون باستمرار عن أبواب الخير. وكان هذا، من وجهة نظر ما، يعني أيضًا البحث عن وسيلة لتسهيل رحلتهم في طريق الأبدية.

كانت هذه الطلبات التي تُقدم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تتجه دائمًا نحو البحث عن سبيل الخير، وكانوا وكأنهم يتسابقون فيما بينهم في هذا المضمار. ولهذا السبب، نرى في ذلك العصر كل الناس، شبابًا وشيوخًا، نساءً ورجالاً، في موقف جاد وحازم تجاه الأشياء التي تبعدهم عن الخير.

إن بلال الحبشي (رضي الله عنه)، بعد وفاة سيدنا (صلى الله عليه وسلم)، طلب الإذن من حضرة أبي بكر (رضي الله عنه) مرارًا لمغادرة المدينة، لكن حضرة أبا بكر كان يرفض رغبته في كل مرة. لأنه كان يرى في بلال ذكرى بقيت له من رسول الله. ولكن، كان قلب بلال يحترق: فقد اعتاد في عهد رسول الله على الخروج للجهاد وضرب السيف وحمل الرايات في ساحات القتال. والآن، كان الانتظار في المدينة لمجرد الأذان يثقل عليه. في يوم جمعة، بينما كان حضرة أبو بكر (رضي الله عنه) يخطب، نهض بلال (رضي الله عنه) فجأة وقال: "يا أبا بكر! أأعتقتني لنفسك أم لله؟" وعندما أجاب حضرة أبو بكر: "لله"، ختم بلال كلامه قائلاً: "إذن، فدعني لله، فإني أريد الجهاد".

وذهب بلال (رضي الله عنه) إلى مشارف الشام، واستشهد هناك، ودُفن في قبر مجهول. وما حمله إلى هناك إلا عشق الجهاد الذي كان يتقد في داخله كالجمر. وإلا، كان بإمكانه أن يواصل حياته في المدينة ويموت فيها. فلماذا ذهب إلى مشارف الشام؟ ولماذا لم يبحث عن راحته واختار السفر والمشقة؟

إذن، إن كل هذه الجهود التي سيبذلها المسلمون في سبيل الاتحاد الإسلامي، وبذلهم أموالهم وأنفسهم في هذا الطريق، ستكون حركة جهادية بالكامل، ولذلك فإن بركة الجهاد كلها ستشملهم، وسيُنعم الله تعالى عليهم بتسهيلات غير متوقعة وييسرها لهم. وهذه البركة ستجلب معها سعادة الدنيا والآخرة.

فطوبى لمن نالوا نصيبهم من نهر بركة الاتحاد الإسلامي!


البخاري، الزكاة، 1.
ابن الأثير، أسد الغابة، 1/244.
ابن الأثير، أسد الغابة، 1/245.